الاثنين، 21 مايو 2012

وباء الايدز حقوق وواجبات نحو الاطفال


غيّر وباء  فيروس الإيدز العالم تغييراً شديداً خصوصاً بإصابة الملايين من البشر وبمن فيهم الأطفال . واصبح المجتمع الدولي ينظر بقلق الى تفشي هذه الظاهرة الخطيرة خصوصاً وان الإصابات كانت أكثر إنتشاراً في جيل الشباب والقوى العاملة والحية في المجتمعات .
أطفال, الصين, الإيدز

فمنذ اكتشاف حالات الإصابة الاولى عام 1981، لم يتوقف الوباء عن الإنتشار، فقد إزداد عدد الوفيات، اذ لم يتم التوصل الى علاج ناجع ودواء فعّال للقضاء عليه او الوقاية منه او الحد من انتشاره .

ولعل اهتمام العالم بهذا الوباء الكاسح هو الذي دفعه لتخصيص يوم عالمي للإيدز في الاول من كانون الاول (ديسمبر) من كل عام وذلك لحثّ الدول والحكومات والقطاعات المختلفة للتوعية بتأثيراته ومخاطره ووضع التشريعات والسياسات للحيلوية دون إنتشاره والوقاية منه.

لقد كانت اولى الاخبار عن وجود مرض غريب ، كما هو اليوم الحديث عن إنفلونزا الطيور ، تعود الى ما نشرته المجلة الطبية الأمريكية في حزيران (يونيو) 1981 عندما نقلت خبراً مفاده وفاة خمسة رجال في لوس انجلوس نتيجة مرض جديد قالت انه غير معروف، ويعتبر هذا التاريخ هو بداية معرفة العالم بمرض الإيدز او فقدان المناعة المكتسبة .
أطفال, الدولية

واذا كانت الشفافية  والمصارحة تشكل أساساً عالمياً لمواجهة المرض فإن إعتبارات دينية وأخلاقية وإجتماعية تحول دون ذلك في بعض البلدان العربية والاسلامية ومنها العراق، ولهذا السبب فان الحديث عن ذلك عبر وسائل الاعلام وفي المدارس والمؤسسات الثقافية والعلمية وكذلك الدينية، يصبح امراً ضرورياً ولا غنى عنه بهدف التوعية وحماية الصحة العامة من جهة من خلال مكافحة إنتشار العدوى وإتخاذ التدابير الفعالة ومن جهة ثانية حماية حقوق الانسان للمجتمع والافراد واسرهم .

2 – تحديات ومخاطر

يعتبر مرض نقص المناعة المكتسب متلازماً مع فيروس نقص المناعة البشرية، كارثة إنسانية ومحنة دولية يعاني منها العالم المعاصر ، ولعله يشكل تحدياً من أخطر التحديات التي تواجه التقدم والتنمية على المستوى العالمي، اذ انه اضافة الى تأثيراته السلبية الأجتماعية والنفسية الخطيرة، فانه يضع الكوابح امام التنمية ويهدد الأمن الإجتماعي والإقتصادي ويخلف آثاراً مدمرة قد تنشأ عنها حالات طوارىء وأزمات وطنية كما حصل في أفريقيا (جنوب الصحراء الكبرى) .

إن هذا الخطر لا ينحصر تأثيره على الافراد المصابين واسرهم حسب بل يمتد الى النسيج الاجتماعي وقطاعات الصحة والعمل والتعليم والحقوق والفئات المختلفة وبخاصة الضعيفة مثل المرأة والطفل ويفاقم من مشكلة التمييز وإنعدام المساواة .

ورغم الجهود الدولية في ميدان الحد من وباء الإيدز والحيلولة دون انتشاره والسعي للتخفيف من وطأته على المجتمعات والعوائل والافراد، الاّ انه ما زال هناك الكثير الذي يمكن عمله على صعيد الأمم المتحدة ومنظماتها وبخاصة منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية واليونسيف وبرنامج الامم المتحدة الانمائي والمفوضية السامية لحقوق الانسان وغيرها، وهو ما يحتاج الى شراكة دولية فعّالة وشراكات اقليمية وعلى الصعيد الوطني في كل بلد، ويمكن للمجتمع المدني ومنظماته أن تلعب دوراً في هذا الميدان خصوصا من خلال المؤسسات التعليمية والاعلامية والدينية والحقوقية وغيرها وذلك يحتاج الى النهوض بما يلي:
1 – توفير مستلزمات الوقاية من فيروس نقص المناعة .
2 – التخفيف من وطأته بالنسبة للمصابين .
3 – رعاية ودعم المصابين .
4 – منع التمييز بسبب الاصابة بالمرض .
 5 – الاعداد الى حملة اعلامية مكثفة وتعاون دولي تساهم فيه مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية، الدولية والاقليمية والوطنية.

والامر يحتاج الى فتح حوار بين الحكومات والمؤسسات المختلفة ووضع القوانين والمدّونات ومن ثم البرامج والسياسات التي تسهم في تحقيق الاهداف المذكورة ، سواءً للمتضررين او للجهات الرسمية او لأصحاب العمل او المعّوقين او لجنس المصابين . والامر يحتاج أيضاً الى الوقاية من خلال الاعلام والتثقيف عبر حملات توعية وبرامج تثقيفية وصحية وتدابير عملية لدعم تغيير السلوك وكذلك الامر يحتاج الى تدريب وتدريب مدربين ومشرفين سواء في ميدان الرعاية الصحية او السلامة المهنية او الرعاية الاجتماعية وفي ميدان الرعاية  لابد من عدم التمييز وتوفير ضمانات اجتماعية والحرص على السرية .

3 – معلومات وحقائق أساسية عن مرض الإيدز

تنتقل العدوى بمرض الإيدز عن طريق السوائل العضوية وبخاصة الدم البشري والسائل المنوي والإفرازات المهبلية وحليب الأم عند الرضاعة الى الطفل. وينتقل الفيروس بثلاث وسائل شائعة وهي:
1 - الاتصال الجنسي بدون واق مع شريك حامل للفيروس (أكثر الحالات شيوعا).
 2 - الدم ومستخلصاته بطرق نقل دم ملوث أو زراعة عضو أو نسيج ملوثين أو استخدام إبر حقن أو أية أداة وخز اخرى ملوثة .
3 - من الأم إلى الطفل أثناء الحمل أو عند الولادة وأخيرا الرضاعة الثديية.

جدير بالذكر ان هناك معلومات شائعة لكنها غير دقيقة وغير طبية من ان الفيروس ينتقل بطرق اخرى غير الطرق المذكورة أعلاه . فالعدوى لا تنتقل خلال التلامس الطبيعي العارض أو السعال أو العطس أو التقبيل، كما أن الإيدز لا ينتقل عن طريق استخدام دورات المياه المشتركة أوالمرافق الصحية العامة أو الاستخدام المشترك لصحون الطعام أو تناول أطعمة أو مشروبات مسّها شخص حامل للفيروس. والإيدز لا ينتشر عن طريق وخز البعوض أو وخز أية حشرة أخرى.

ويضعف الإيدز جهاز المناعة في جسم الإنسان مما يمنعه من مقاومة العدوى على نحو فعال. وبوسع المرء أن يعيش عشر سنوات أو أكثر وهو حامل للفيروس ودون أن تظهر عليه أية أعراض ودون أن يصاب بأي مرض في معظم هذه الفترة رغم أنه يظل قابلا لنقل العدوى للغير. وأول أعراض الإصابة بالإيدز هي على وجه الخصوص: الإجهاد المزمن، الإسهال، الحمّى، القصور في القدرات الذهنية مثل فقدان الذاكرة، فقدان الوزن، السعال المستمر، ظهور طفح جلدي حاد، حدوث التهابات في الفم، وتورم الغدد الليمفاوية.

وتجد الأمراض المرتبطة بضعف جهاز مناعة الجسم مثل السرطان والالتهاب الرئوي والسل فرصتها مع نقص المناعة في الإنسان. وهو ما يطلق عليه اسم الامراض الانتهازية التي سرعان ما تداهم مرضى الإيدز، ويمكن أن تتخلل فترات المرض النشطة فترات يخلد فيها المرض الى الكمون، بْيدَ أن هذا لا يعني أن مريض الإيدز يمكن أن يفلت من مصيره "المحتوم". وثمة أبحاث تجري للتوصل إلى مصل واق، إلا أن التجارب لم تسفر بعد عن نتائج حاسمة.

وثمت أدوية مثل العقاقير المضادة للفيروسات المرتدة بوسعها إبطاء استفحال المرض وإطالة عمر المريض، غير أنها حتى الآن باهظة الثمن، ومن ثم فهي ليست في متناول السواد الأعظم من المرضى، مثلما يشير الى ذلك مطبوع لمنظمة العمل الدولية (مكتب القاهرة 2001) بخصوص مرض الإيدز بالقول : الاّ أن الحالة تشهد تغييراً سريعا، خصوصاً وان الاهتمام أخذ يتضاعف من جانب جهات رسمية ودولية.

ففيروس نقص المناعة البشرية ضعيف للغاية وغير قادر على البقاء إلا في ظروف محدودة. فلا سبيل له لدخول الجسم إلا من خلال الأجزاء الرطبة بطبيعتها، ولا يسعه التسلل عبر بشرة سليمة. ومن ثم فإن الوقاية منه تتمثل في وضع كوابح في طريقه، مثل إستخدام الواقي الذكرى أو وسيلة حماية كارتداء قفازات أو أقنعة (حسب الحاجة)، والحرص على أن تكون أدوات الحقن أو الوخز غير ملوثة أو تستخدم لمرة واحدة مع التعقيم المستمر.


ثمت معلومات مقلقة ومثيرة في الآن نفسه، فحتى مطلع عام 2001 تجاوز عدد مرضى الإيدز 36 مليون شخص، ثلثاهم من سكان أفريقيا (من جنوب الصحراء الغربية الكبرى). وتقول بعض التقديرات ان نحو 100 مليون شخص هم عرضة للاصابة خلال السنوات القليلة القادمة (حتى مطلع العام 2011) وان نحو 95% منهم من البلدان النامية .

وقد لقي 22 مليون شخص حتفهم بسبب الإيدز. وفي العام 2000 وحده توفي ثلاث ملايين شخص . ان معظم المصابين من البالغين والأطفال، يتوّزعون على النحو التالي : 25 مليون – افريقيا ، 6 ملايين آسيا ، 2 مليون أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حوالي مليون – امريكا الشمالية ، نصف مليون – اوروبا الغربية، ثلاثة أرباع المليون – أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، ما يزيد نصف مليون – الشرق الاوسط ، وشمال أفريقيا .

ويمكن القول من خلال الارقام اعلاه ، إن مرض الإيدز يستفحل حيثما تنتهك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، فهناك علاقة طردية بين إنتشار العدوى وبين إنتهاك الحقوق ، وإذا ما انتهكت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإنه سيتم التجاوز على الحقوق المدنية والسياسية . ويشكل الفقر مرتعاً لإنتشار المرض كما تشكل الامية هي الاخرى مجالاً خصباً لإستفحال المرض . والامية والفقر يدفعان المرأة أحياناً وتحت ضغط الحاجة الى ممارسة الجنس بسبب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية مما يسهم في الاصابة بالمرض وإنتشاره . ولعل تعاطي المخدرات والعقاقير واستخدام الابر الملوثة يسهم في انتشار المرض والاصابة به. ولا شك أن الحروب والنزاعات المسلحة وانعدام الامن والاتصالات الجنسية غير السليمة كلها عوامل تسهّل الاصابة بالمرض وانتشاره. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق